تطور طرق صيد الأسماك
المنامة - حسين محمد حسين
ناقشنا في الحلقة السابقة الحفرة وطريقة صيد الأسماك باليد, وهناك طريقة أخرى تمسك فيها الأسماك باليد بعد أن يتم تخديرها بسم خاص تعارفت عليه العامة بسم السمك.
ربما لم يعد السم يستخدم في صيد الأسماك لكن الصورة التي ارتسمت للأسماك وهي تترنح وتلف وتدور حول نفسها وتقفز من الماء بعد تناولها السم أخرجت لنا المثل الشعبي الذي لايزال متداولا وهو «كأنه ميده ماكله سم», والميد نوع من الأسماك الصغيرة وهو المعروف بالبوري. وطريقة الصيد بالسم عرفت منذ القدم ذكرها أرسطو قبل أن يذكرها العرب. وقد اشتهرت مجموعة من النباتات كانت تستخدم كسم للأسماك, والمشهور عندنا نوعان من بذور النباتات تستخدم كسم للسمك الأول وهو Anamirta paniculata والمسمى بالفارسية «مرگ ماهي» وفي العراق «زهر», و الآخر هو Verbascum thabsus المسمى بالفارسية مازريون وعرفته العرب باسم ماهي زهره وماهي زهرج, و أحيانا يطلق الاسم ماهي زهر على النوع الأول, أما زعم بلغريف في مذكراته أن سم السمك هو بذور الليلك الفارسي فهو زعم لم أجد له صحة, وعبر التاريخ استخدم الليلك الفارسي لتحضير سم السمك ولكن من أوراقه لا بذوره.
ويحضّر سم السمك بتحميص البذور تحميصا خفيفا ثم تدق حتى تصبح مسحوقا، بعد ذلك يضاف إلى المسحوق الدقيق أو معجون الرز الأبيض وسرطانات بحر صغيرة أوالروبيان بعد أن يتم دقها, ثم يعجن عجنا جيد حتى يمتزج وفي هذه الأثناء يضاف إليه الصل وهو زيت من أصل سمكي. وقد وصف بلغريف في مذكراته رحلة لصيد السمك بالسم جاء فيها:
«وقبل أن أغادر (جدة) يقوم الرجال بإعداد (طُعْم السمك) وهي المادة المستخدمة في اصطياده والتي تتكون من سراطين البحر والأسماك الصغيرة المخلوطة مع الطحين والبذور الجافة لزهرة الليلك الإيرانية المسحوقة جميعها لتكّون عجينة لزجة لها رائحة مميزة. وعندما نصل جزيرة (البينة) نلقي مرساة (اللنش) ونقفز إلى البحر ونسبح حتّى الشاطئ الرملي الأبيض حيث أقف في عرض الماء المالح الذي يغطي نصف جسمي وأراقب عملية الصيد. ويبدأ الرجال الحاملون معهم أواني (طعم السمك) بخوض المياه ونثر كميات كبيرة منها على مساحة واسعة من السطح، ثم ينضمون إلينا على الشاطئ. وبعد الانتظار لمدة عشرين دقيقة تقريبا نرى طيف السمك الفضي وهو يقترب من مكان (الفخ) وبعد فترة طويلة قليلا نشاهد بوضوح أسماكا كثيرة تندفع في دوائر أو تغدو وتجئ وتنزلق بسرعة في سطح الماء. وما هي إلاّ لحظات أخرى حتّى يحيط بالجزيرة من جميع جوانبها الأسماك المتحركة بطريقة تولد على ذعرها. ثم يدخل الرجال إلى البحر فيخوضون ويسبحون فيه ويغوصون إلى أسفله وهم يصطادون الأسماك إذا استطاعوا ذلك بأيديهم العارية. ورغم كون السمك مخدرا إلاّ أن الإمساك به لم يكن أمرا سهلا, وحينما أحاول اصطياده تضرب السمكة يداي بزعانفها الحادة وتتخلص منا بسبب كونها ملساء مما يجعل القبض عليها صعبا. بعض الرجال يقومون بصيد السمك من خلال زورق بخاري مربوط إلى اللنش حيث يجلسون في موقع مرتفع عن سطح الماء ويرشدون الصيادين داخل البحر عن مكان تواجد الأسماك الكبيرة. بعد نحو نصف ساعة يسترجع السمك حالته وحواسه الطبيعية ويشفى من المخدر المأخوذ من بذور زهرة الليلك الإيرانية المعروفة في البحرين باسم سم السمك».
الاسم: عمار الاستاز: بسام عمران الموقع:
http://www.alwasatnews.com/2568/news/read/311159/1.html
المنامة - حسين محمد حسين
ناقشنا في الحلقة السابقة الحفرة وطريقة صيد الأسماك باليد, وهناك طريقة أخرى تمسك فيها الأسماك باليد بعد أن يتم تخديرها بسم خاص تعارفت عليه العامة بسم السمك.
ربما لم يعد السم يستخدم في صيد الأسماك لكن الصورة التي ارتسمت للأسماك وهي تترنح وتلف وتدور حول نفسها وتقفز من الماء بعد تناولها السم أخرجت لنا المثل الشعبي الذي لايزال متداولا وهو «كأنه ميده ماكله سم», والميد نوع من الأسماك الصغيرة وهو المعروف بالبوري. وطريقة الصيد بالسم عرفت منذ القدم ذكرها أرسطو قبل أن يذكرها العرب. وقد اشتهرت مجموعة من النباتات كانت تستخدم كسم للأسماك, والمشهور عندنا نوعان من بذور النباتات تستخدم كسم للسمك الأول وهو Anamirta paniculata والمسمى بالفارسية «مرگ ماهي» وفي العراق «زهر», و الآخر هو Verbascum thabsus المسمى بالفارسية مازريون وعرفته العرب باسم ماهي زهره وماهي زهرج, و أحيانا يطلق الاسم ماهي زهر على النوع الأول, أما زعم بلغريف في مذكراته أن سم السمك هو بذور الليلك الفارسي فهو زعم لم أجد له صحة, وعبر التاريخ استخدم الليلك الفارسي لتحضير سم السمك ولكن من أوراقه لا بذوره.
ويحضّر سم السمك بتحميص البذور تحميصا خفيفا ثم تدق حتى تصبح مسحوقا، بعد ذلك يضاف إلى المسحوق الدقيق أو معجون الرز الأبيض وسرطانات بحر صغيرة أوالروبيان بعد أن يتم دقها, ثم يعجن عجنا جيد حتى يمتزج وفي هذه الأثناء يضاف إليه الصل وهو زيت من أصل سمكي. وقد وصف بلغريف في مذكراته رحلة لصيد السمك بالسم جاء فيها:
«وقبل أن أغادر (جدة) يقوم الرجال بإعداد (طُعْم السمك) وهي المادة المستخدمة في اصطياده والتي تتكون من سراطين البحر والأسماك الصغيرة المخلوطة مع الطحين والبذور الجافة لزهرة الليلك الإيرانية المسحوقة جميعها لتكّون عجينة لزجة لها رائحة مميزة. وعندما نصل جزيرة (البينة) نلقي مرساة (اللنش) ونقفز إلى البحر ونسبح حتّى الشاطئ الرملي الأبيض حيث أقف في عرض الماء المالح الذي يغطي نصف جسمي وأراقب عملية الصيد. ويبدأ الرجال الحاملون معهم أواني (طعم السمك) بخوض المياه ونثر كميات كبيرة منها على مساحة واسعة من السطح، ثم ينضمون إلينا على الشاطئ. وبعد الانتظار لمدة عشرين دقيقة تقريبا نرى طيف السمك الفضي وهو يقترب من مكان (الفخ) وبعد فترة طويلة قليلا نشاهد بوضوح أسماكا كثيرة تندفع في دوائر أو تغدو وتجئ وتنزلق بسرعة في سطح الماء. وما هي إلاّ لحظات أخرى حتّى يحيط بالجزيرة من جميع جوانبها الأسماك المتحركة بطريقة تولد على ذعرها. ثم يدخل الرجال إلى البحر فيخوضون ويسبحون فيه ويغوصون إلى أسفله وهم يصطادون الأسماك إذا استطاعوا ذلك بأيديهم العارية. ورغم كون السمك مخدرا إلاّ أن الإمساك به لم يكن أمرا سهلا, وحينما أحاول اصطياده تضرب السمكة يداي بزعانفها الحادة وتتخلص منا بسبب كونها ملساء مما يجعل القبض عليها صعبا. بعض الرجال يقومون بصيد السمك من خلال زورق بخاري مربوط إلى اللنش حيث يجلسون في موقع مرتفع عن سطح الماء ويرشدون الصيادين داخل البحر عن مكان تواجد الأسماك الكبيرة. بعد نحو نصف ساعة يسترجع السمك حالته وحواسه الطبيعية ويشفى من المخدر المأخوذ من بذور زهرة الليلك الإيرانية المعروفة في البحرين باسم سم السمك».
الاسم: عمار الاستاز: بسام عمران الموقع:
http://www.alwasatnews.com/2568/news/read/311159/1.html